أهمية المياه الجوفية

أهمية المياه الجوفية للخطة المائية للمملكة

المملكة العربية السعودية هي واحدة من المناطق الأكثر جفافا في العالم، مع عدم وجود أنهار دائمة. يتم الحصول على الماء من أربعة مصادر مختلفة، تمثل المياه الجوفية 40% منها. وبما أنها مصدر غير متجدد للمياه كان يجب الاهتمام بها والحفاظ عليها والبحث عن وسائل أخرى.

مصادر المياه الجوفية

توجد المياه الجوفية داخل خزانات طبيعية في باطن الأرض التي هي طبقة صخرية أو رسوبية قادرة على احتواء كمية من المياه. وتتكون من مواد غير مدمجة مثل الرمال والحصى، أو صخور مدمجة مثل الحجر الرملي أو الحجر الجيري، أو في الفراغات والشقوق بين حبيبات التربة.

للمياه الجوفية عدة مصادر نذكر منها:

مياه الأمطار

إن المصدر الرئيسي للمياه الجوفية هي مياه الأمطار حيث يتجمع جزء من هذه المياه على سطح الأرض، بينما يرشح جزء من مياه الأمطار عبر مسامات الأرض و شقوقها وتتجمع في باطن الأرض. على شكل خزانات ثابتة تتحول بعدها إلى أحواض مائية.

المياه المعدنية والكبريتية

يتسرب جزء من البحيرات أو الأنهار القريبة فتتجمع أحواض في باطن الأرض وتبقى محبوسة لا يمكن الوصول إليها ولا الاستفادة منها إلا عن طريق حفر الآبار.

ماء الصهير

هو الماء الذي يصعد إلى الأعلى بعد مراحل تبلور الصهير المختلفة.

الماء المقرون

هو الماء الذي يصاحب عملية تكوين الرسوبيات في المراحل المبكرة ويحبس بين أجزائها ومسامها.

كمية المياه الجوفية المتاحة

لقد استطاع العلم الحديث تحديد كمية المياه الجوفية العذبة في العالم التي تعد أكبر بكثير من تلك المتوافرة فوق سطح الأرض، فالمياه الجوفية تمثل ما يقرب من 98% من مجموع المياه العذبة في العالم باستثناء الجبال الجليدية، كما تمثل المياه الجوفية أيضاً ما يقرب من %0.6 من مجموع المياه الموجودة على الكرة الأرضية متضمنة مياها عذبة ومالحة. والجدير بالذكر هنا أن المياه الجوفية قد تكون متجددة وجارية تحت سطح الأرض مكونة شبكة من المجاري والأنهار التي تحافظ المياه فيها على منسوبها بالرغم من الأخذ المستمر منها بسبب تغذيتها الدائمة بمياه الأمطار التي تسقط بصفة دائمة أو عن طريق مياه الأنهار والبحيرات التي تتخلل التربة وتصل إلى هذه المياه الجوفية، أو قد تكون المياه الجوفية غير متجددة فيقل منسوبها تدريجيا حسب ما يستهلك منها، وتكون هذه المياه غالباً مياها جوفية تجمعت في باطن الأرض في قرون سابقة وعصور ممطرة إلا أنها غير متصلة بمنابع متجددة من المياه، وتكون صفاتها متميزة عن بقية المياه الجوفية نتيجة وجودها في باطن الأرض منذ أزمان عديدة نذكر من هذه الصفات ارتفاع درجة حرارتها وزيادة محتواها من الأملاح والغازات المنحلة.

لا تحتاج المياه الجوفية أحياناً إلى حفر الآبار لظهورها، فقد تتفجر على هيئة عيون وينابيع نتيجة لزيادة الضغط عليها في باطن الأرض أو ضغط القشرة الأرضية في هذا المكان، وقد تتدفق المياه من العين على هيئة نافورة نتيجة زيادة الضغط المطبق على هذه المياه أو يقل الضغط فتسيل المياه المتدفقة على سطح الأرض في سواقي تنحتها وتشقها هذه المياه التي قد تكون ساخنة مستمدة حرارتها من الحرارة المرتفعة لباطن الأرض أو نتيجة قربها من أماكن ذات أنشطة بركانية، أو تكون باردة نتيجة خروجها من طبقات قريبة من سطح الأرض.

ما هو تلوث المياه الجوفية

تعريف تلوث المياه عرفت هيئة الصحة العالمية WHO تلوث المياه بأنه أي تغير يطرأ على العناصر الداخلة في تركيبها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بسبب نشاط الإنسان، الأمر الذي يجعل هذه المياه أقل صلاحية للاستعمالات الطبيعية المخصصة لها أو بعضها، وبعبارة أخرى هي التغيرات التي تحدث في خصائص المياه الطبيعية والبيولوجية والكيميائية مما يجعلها غير صالحة للشرب أو للاستعمالات المنزلية والصناعية والزراعية.

تلوث المياه الجوفية تؤثر نوعية المياه الجوفية ليس فقط على صحة البشر وإنما أيضاً على المجتمع والاقتصاد الوطني، فهي تستخدم في الزراعة وفي توفير مياه الشرب للإنسان والحيوان وفي الصناعة في عمليات كثيرة مثل التبريد والتخلص من المخلفات والنفايات الصناعية، كما تستخدم في عمليات إنتاج الطاقة والتنقيب عن النفط وفي أغراض التدفئة والتبريد بالإضافة إلى استخدامات أخرى متنوعة.

آمن البشر لسنوات عديدة بأن المياه الجوفية محمية طبيعياً من التلوث بواسطة طبقات الصخور والتربة التي تعمل بمثابة مرشحات. ولكن مشكلة التوسع العمراني وعمليات التصنيع الواسعة وغير المنظمة أدت إلى تلوث المياه عامة والجوفية خاصة التي يصعب تنظيفها لأنها عملية شاقة وباهظة التكلفة.

إن استهتار البشر في تعاملهم مع المياه الجوفية حتى في أكثر دول العالم تقدماً ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي توفر أكثر من نصف مياه الشرب لمجمل سكانها أدى إلى بدء مشكلة التلوث منذ عقد السبعينات، وفي الفترة من 1971 حتى 1985 سجل تفشي أكثر من 245 مرضاً مرتبطاً بالمياه الجوفية وأشارت بيانات وكالة حماية البيئة الأمريكية EPA إلى أن %10% من كل شبكات إمدادات مياه الشرب من المياه الجوفية تخالف معايير مياه الشرب النظيفة نتيجة للتلوث البيولوجي. وقد اكتشف 74 نوعاً من المبيدات منها أنواع مسببة للسرطان في 38 ولاية أمريكية. كما انتشر التلوث البيولوجي للمياه الجوفية كالتلوث بالبكتيريا والفيروسات والطفيليات مثل طفيل Cryptosporidium الذي يصيب الأمعاء حيث شهدت 6 حالات انتشار وبائي لهذا الطفيل المذكور بسبب تلوث المياه الجوفية.

مصادر تلوث المياه الجوفية

تتعدد المصادر المسببة لتلوث المياه الجوفية فمنها ما يعود إلى عوامل طبيعية ومنها يعود إلى طائفة من نشاطات الإنسان، ويمكن تقسيم مصادر التلوث الناتجة عن نشاطات الإنسان إلى ما يلي:

مصادر التلوث الزراعية

تعددت مصادر التلوث الزراعية التي نذكر منها:

  • المبيدات الزراعية والمخصبات ومحسنات التربة مثل الجير والجبس والكبريت التي يتسرب جزء منها إلى المياه الجوفية.
  • النفايات والمخلفات الحيوانية والتلوث بمياه الصرف الزراعية التي تؤدي إلى زيادة تركيز أملاح الكالسيوم والمغنيزيوم والصوديوم والكبريتات والكلور والنترات وأخيرا استخدام الأسمدة الكيماوية وخاصة الأسمدة النيتروجينية، الفوسفورية والبوتاسية.
  • تسرب المخصبات والمبيدات مباشرة إلى الأرض أثناء التعامل معها. التسرب الناجم عن تحميل وغسل معدات رش المبيدات.
  • التسرب الناجم عن تخزين الكيماويات الزراعية في مناطق مكشوفة دون حمايتها من الرياح والأمطار. مزج ونشر المبيدات والمخصبات مع مياه الري الذي يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية إذا كانت كمية هذه المواد الكيماوية أكبر من حاجة النبات وقد يؤدي سوء استخدام هذه المبيدات والمخصبات من قبل المزارعين إلى تلوث المياه الجوفية بالعديد من المركبات العضوية والعناصر مثل النتروجين والكادميوم والكلور والزئبق والسيلينيوم.

أما المخلفات الحيوانية فيمكنها تلويث خزانات المياه الجوفية بالنترات وبكتيريا الكلوروفورم والمواد الصلبة المنحلة والكبريتات.

يسبب التعامل غير الرشيد مع الآلات والماكينات الزراعية إلى تلوث المياه الجوفية بالأصباغ التي تحتوي على الرصاص والباريوم) والبنزين وزيوت التشحيم التي تحتوي على مركبات عضوية طيارة، وقود الديزل التي تحتوي على الباريوم، بالإضافة إلى سوائل الشطف التي تحتوي على بقايا المبيدات والمخصبات.

مصادر التلوث المنزلية

تعد مياه الصرف الصحي المتدفقة من المنازل مصدراً رئيسياً لتلوث المياه الجوفية، حيث تقف وراء طائفة واسعة من الملوثات بما في ذلك البكتيريا الفيروسات النترات من المخلفات المنزلية والمركبات العضوية. ويمكن للمواد الكيميائية المخزنة في المنازل بطريقة غير سليمة أو التي يجري التخلص منها مع مياه الصرف الصحي الأصباغ، سوائل التنظيف الزيوت الأدوية، والمطهرات…. الخ) أن تكون مصدراً خطيراً لتلوث المياه الجوفية، ويزداد خطر هذه الملوثات عند حدوث تسرب في شبكات الصرف الصحي، أو في حالة الصرف المباشر في باطن الأرض التي تسبب المشاكل التالية:

  • تلوث مياه الأنهار والمياه الجوفية قليلة العمق.
  • تلوث الشواطئ وخطوط السواحل.
  • تدمير الكائنات البحرية.
  • تلوث المياه السطحية عن طريق الإثراء الغذائي.

مكامن النفايات الصلبة التي تلوث المياه بعناصر ضارة كالحديد والمنغنيز والكلور والنترات وغازات ضارة كالميتان وغاز ثنائي أكسيد الكربون والأمونيا، وغاز كبريت الهيدروجين

ومع التوسع الكبير في حجم الأحياء السكنية الحديثة وفى شبكات الطرق، تصبح مياه الأمطار مصدراً إضافيا لتلوث المياه الجوفية بما تأخذه معها من أسطح البيوت والأماكن المكشوفة فيها ومن الشوارع من مواد ملوثة إلى باطن الأرض نذكر منها الصوديوم والرصاص والمركبات العضوية من الزيوت والبنزين وسوائل التنظيف ومذيبات الشحوم، كما أن المخلفات المنزلية تصيب المياه الجوفية بالعديد من الملوثات نذكر منها:

  • المنظفات الصناعية المستخدمة في غسل الأطباق والملابس.
  • المركبات العضوية في مخلفات المنازل.
  • البكتيريا والنترات والكبريتات في مياه المجاري.
  • معطرات الجو المختلفة التي تحتوي جميعها على رابع كلور الكربون.
  • الزيوت والشحوم وسوائل التنظيف.

مصادر التلوث الصناعية

تتطلب النشاطات الاقتصادية الحديثة نقل وتخزين مواد تستخدم في التصنيع والمعالجة والبناء. ويمكن لهذه المواد أن تجد طريقها إلى المياه الجوفية عن طريق التسرب أو الانسكاب أو التعامل غير الصحيح معها.

والأكثر من هذا فإن تنظيف هذه المواد يمكن أن يسبب هو الآخر تهديدا للمياه الجوفية عندما تنتقل هذه المواد مع مياه التنظيف إلى باطن الأرض. ولا ترتبط منشآت صناعية وخدمية كثيرة بشبكة الصرف الصحي فتلقي بمخلفاتها مباشرة إلى باطن الأرض أو إلى حفر معدة لذلك، ومن أخطر هذه المنشآت ما يلي:

  • محطات تنظيف وتصليح السيارات ومحلات تنظيف الملابس ومعامل تحميض الصور والمصانع.
  • الأدوات الكهربائية ومكوناتها لأن مخلفاتها تتضمن مواد كيميائية سامة، حتى في المنشآت الكبيرة المربوطة بشبكات الصرف الصحي تشكل الكميات القليلة من مخلفاتها المتسربة إلى باطن الأرض
  • تهديدا غير قليل على المدى البعيد للمياه الجوفية.
  • تسرب المواد البترولية والكيماوية من الخزانات والمراكب وشبكات الأنابيب.
  • نفايات أنشطة المناجم (مناجم الفحم الفوسفات اليورانيوم، الحديد …) التي تلوث المياه السطحية والجوفية.
  • النفايات المشعة وهي من أخطر مشاكل تلوث المياه عامة والمياه الجوفية والمعدنية خاصة حيث تحتوي على مواد عالية السمية ومسببة للأمراض المختلفة وأهمها مرض السرطان.

مصادر التلوث الطبيعية

يمكن أحياناً أن يصل التلوث إلى المياه الجوفية دون أن يكون للإنسان دور فيه ويتوقف الأمر على البنية الجيولوجية لطبقات الأرض التي تتحرك خلالها المياه الجوفية عبر طبقات صخرية وطينية تحتوي على طائفة واسعة من العناصر مثل المغنيزيوم والكالسيوم والكلور.

وتحتوي الجدران الداخلية لخزانات المياه الجوفية على تراكيز طبيعية مرتفعة لمكونات قابلة للانحلال مثل الزرنيخ، والبورون والسيلينيوم. ويتوقف تأثير مصادر التلوث الطبيعية هذه على نوع الملوثات وتركيزها.

ومن العناصر الموجودة في التربة التي يمكن أن تتحول إلى ملوثات تذكر منها الألمنيوم والباريوم والرصاص والكادميوم والكلور والزئبق والزنك والزرنيخ والنحاس والنترات والحديد والكبريتات.

وقد تتلوث المياه الجوفية بملوثات مياه الصرف الصحي غير المعالج مما يؤدي إلى انبعاث غاز كبريتيد الهيدروجين في هذه المياه وذلك نتيجة وجود تسرب من خطوط شبكات الصرف الصحي نظرا لقدمها أو نتيجة وجود كسر فيها أو عند استبدال الشبكة الجديدة بأخرى قديمة، أو نظرا لوجود حفر امتصاص صحية قديمة.

ومن الصعب جداً قياس التلوث بغاز كبريتيد الهيدروجين لأنه غاز ينطلق بسرعة من المياه ولأنه لا يمكن الاعتماد الدقيق في قياسه على الاختبارات والتحاليل العملية، والميدانية فإن حاسة الشم تبقى الطريقة الأفضل لتعرفه.

اقرء المزيد عن تصميم وبناء محطة معالجة المياه الجوفية مع رعاية المياه هنا.


مؤسسة رعاية المياه

شركاء وضعوا ثقتهم في مؤسسة رعاية المياه